اسم الکتاب : تفسير الخازن لباب التأويل في معاني التنزيل المؤلف : الخازن الجزء : 1 صفحة : 283
اختلف العلماء في ذلك فروى عن أبيّ بن كعب أنه قال: أراد به الإيمان يوم أخذ الميثاق حين قال لهم ألست بربكم؟ قالوا بلى فآمن الكل، فكل من كفر في الدنيا فقد كفر بعد الإيمان، وقال الحسن: هم المنافقون وذلك أنهم تكلموا بالإيمان بألسنتهم وأنكروه بقلوبهم. وقال عكرمة: هم أهل الكتاب وذلك أنهم آمنوا بمحمد صلّى الله عليه وسلّم قبل مبعثه فلما بعث أنكروه وكفروا به وقيل هم الذين ارتدوا زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهم أهل الردة (ق) عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أنا فرطكم على الحوض وليرفعن إليّ رجال منكم حتى إذا أهويت إليهم لأنا لهم اختلجوا دوني فأقول أي رب أصحابي فيقول إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك» (ق) عن أنس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «ليردنّ عليّ الحوض رجال ممن صاحبني حتى إذا رفعوا إليّ اختلجوا دوني فلأقولن أي رب أصحابي أصحابي فيقال لي لا تدري ما أحدثوا بعدك» زاد في رواية فأقول: «سحقا لمن بدل بعدي» (ق) عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «يرد على يوم القيامة رهط من أصحابي أو قال من أمتي فيجلون عن الحوض فأقول يا رب أصحابي فيقول: إنه لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقهرى» وقيل هم الخوارج الذين خرجوا على عليّ بن أبي طالب وقتلهم وهم الحرورية. (م) عن زيد بن وهب أنه كان في الجيش الذين كانوا مع علي لما ساروا إلى الخوارج فقال عليّ: أيّها الناس إني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «يخرج قوم من أمتي يقرءون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء، ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء يقرءون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم لا تجاوز صلاتهم تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية» وفي رواية سويد بن غفلة عنه يقرءون القرآن لا يجاوز إيمانهم حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة (ق) عن بشير بن عمرو. قال: قلت لسهل بن حنيف هل سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول في الخوارج شيئا قال: سمعته يقول وأهوى بيده إلى العراق «ويخرج منهم قوم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية» وقيل هم أهل البدع والأهواء من هذه الأمة كالقدرية ونحوهم ومن قال بهذا القول يقول كفرهم بعد إيمانهم هو خروجهم من الجماعة ومفارقتهم في الاعتقاد. (م) عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا، ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا».
وقال الحارث الأعور: سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: على المنبر إن الرجل ليخرج من أهله فما يؤوب إليهم حتى يعمل عملا يستوجب به الجنة وإن الرجل ليخرج من أهله فما يعود إليهم حتى يعمل عملا يستوجب به النار ثم قرأ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ الآية ثم نادى هم الذين كفروا بعد الإيمان ورب الكعبة. وقوله تعالى:
[سورة آل عمران (3): الآيات 107 الى 108]
وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (107) تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ (108)
وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ يعني المؤمنين المطيعين لله عز وجل فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ يعني ففي جنة الله وإنما سميت الجنة رحمة لأنها دار رحمة وفيه إشارة إلى أن العبد وإن عمل بالطاعات لا يدخل الجنة إلا برحمة الله تعالى هُمْ فِيها خالِدُونَ قيل: إنما كرر كلمة في لأن في كل واحدة منهن معنى غير الأخرى المعنى أنهم في رحمة الله وأنهم في الرحمة خالدون تِلْكَ آياتُ اللَّهِ يعني القرآن وقيل هذه الآيات التي تقدمت نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ أي بالمعنى الحق لأن المتلو حق وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ يعني لا يعاقب أحدا بغير جرم واستحقاق للعقوبة وإنما ذكر الظلم هنا لأنه قد تقدم ذكر العقوبة في قوله فأما الذين اسودّت وجوههم إلى قوله فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون أخبر أنهم إنما وقعوا فيما وقعوا فيه بسبب أفعالهم المنكرة وأنه لا يظلم أحدا من خلقه.
اسم الکتاب : تفسير الخازن لباب التأويل في معاني التنزيل المؤلف : الخازن الجزء : 1 صفحة : 283